المدرّس القدوة :
يرى الطالب في أستاذه المثل الأعلى، ويتمنّى أن يكون نسخة منه , ويحتذي خطواته في خلقه, وعلمه, ونبله, وفضله, وفي جميع حركاته وسكناته , وإذا كانت هذه نظرة الطلاب إلى أساتذتـهم فإنّه من الواجب على هؤلاء أن يكونوا قدوة صالحة لأبنائهم الطلاب , ونماذج رفيعة لما يقررون من مبادئ وما يشرحون من قيم , وما يصوّرون من فضائل , وما يرسمون من مثاليات نابعة من مكارم الأخلاق , وأن يكونوا صوراًُ حيّة تعكس حقيقة السلوك الأمثل الذي ينادون به، ويهيبون بالطلاب على ضرورة التزامه كخطّ سير في الحياة, وشعار يرفعونه في سرهم وعلانيتهم .
وإنّ المرء ليعذر الطلاب حين يرون الأستاذ الذي يدعوهم إلى التحلّي بفضيلة الصدق، وهو يكذب, وحين يرونه يمجّد الإخلاص، ويشيد بالأمانة، ومع ذلك يستهتر بواجبه فلا يحضّر الدروس ولا يتممّ الوقت المحدّد ويقضي الفترة التي يقضيها داخل الفصل فيما لا يجدي ولا يفيد . فما عسى أن يتوقّع من الطالب في هذه الحال ؟ هل ننتظر منه بعد أن رأى بعينيه أستاذه الداعي إلى الفضيلة يعبث بالفضيلة، الاقتداء بفعل الأستاذ أم بقوله . ذلك لأن الأستاذ المربي يؤثر في الطلاب بسلوكه أكثر من تأثيره بإرشاداته . يقول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون, كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) ويقول الشاعر :
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم